ميتافيزيقا الخطاب الرمزي في التصوف الإسلامي.

نوع المستند : العلوم الانسانیة الأدبیة واللغات

المؤلف

کلية الآداب - جامعة المنصورة

المستخلص

ملخص البحث:
اختارت الباحثة أن تطرح موضوعاً للبحث بعنوان ميتافيزيقا الخطاب الرمزي في التصوف الإسلامي ذلک أن الخطاب الصوفي والرمزية المستخدمة في لغتهم أمران متلازمان، کذلک تبدو لفة المجاز مسيطرة على عباراتهم المشحونة بالرموز والإشارات في محاولة للتعبير عن وجدان صوفي عميق يترجم جالة من المشاعر الروحية الفياضة التي تستشرف تجليا إلهية وتنزلات روحية يمتلئ بها القلب الصوفي، وتفيض بها روحه.
ولا شک أن الأسرار الغامضة التي يمتلئ بها التصوف وحالات الجذب والفناء التي يتعرض لها الصوفي تستدعي وجود لغة قادرة على نقل تلک المعاني وتأويلها بل وربما محاولة الإفصاح عن مکنوناتها. ولما کانت اللغة بحروفها التقليدية عاجزة عن التعبير عن تجربة الصوفي النورانية وإن حملت دلالات روحية وشحنات عاطفية، فإن الغوص في متون الأصول اللاهوتية والصوفية وکتب الديانات السماوية والنحل الفلسفية هي محاولة لتفسير ما يبدو غامضاً ومحملاً بالترکيبات اللغوية، والمشارب الدينية والأيدولوجية.
إلا أنه من ضرورات البحث العلمي الأمين أن تقرر الباحثة أن لغة التعبير الرمزي والإشاري تستعصي على التحليل لفقدانها الآليات والمعايير التي تصلح لتحليل الخطاب الصوفي.وکما بدا واضحاً أن أية محاولة لفهم الخطاب الصوفي ستصطدم دائماً بسلطة فقهية استحوذت لنفسها على نوع من القداسة التي سيطرت على قدرة العقل على التحليل والاستنباط خشية الوقوع ضحية لسطوة الفقهاء.
إن محاولة فهم الخطاب الصوفي واللغة الرمزية والعبارات التي بدت شاطحة تستلزم القفز الميتافيزيقي فوق حواجز الجمود النصي والتفسيري لحالات الحدس والاستنارة والکشف. فمن المؤکد أن اللغة العادية لا تقوم بدورها في تفسير الوجدان والعاطفة الصوفية ولا تنهض بتفسير حال الفناء والمعية مع الله، کل ذلک وغيره کان من الأسباب التي دعت الباحثة إلى الولوج لهذا الموضوع الصعب علها تجد إجابات على فشل اللغة في التعبير. ولذلک حاولت الباحثة من جانبها تناول موضوعات تظن أنها ضرورية في محاولة الوقوف على الدلالات الرمزية للنص الصوفي، ومنها على سبيل المثال:
1- عملية التغميض الرمزي.  2- سلطة النص الفقهي.   3-الخطاب الصوفي تجربة فردية.    4- الرمزية عند النفري وملامح لغة المواقف وتجربة النفري.              
ثم بيان المدى التي تصل إليه الکلمة من حيث اتساع الرؤية وضيق العبارة في ضوء ميتافيزيقا الألفاظ، للک جاءت إشکالية هذه الدراسة متمثلة في سؤال کبير ألا وهو:
       کيف يمکن فض غموض هذه اللغة شديدة الخفاء والمحملة بشحنات رمزية ودلالات ميتافيزيقية تعبر فيما يعتقد الصوفي عن تجربته الروحية ومحاولته للوصول إلى معرفة الحقيقية الغيبية؟
       وفي سبيل ذلک طبقت الباحثة منهجاً تحليلياً نقدياً يتفهم أن الفکرة ما هي إلا خاطر وجداني قد يتناقض مع عالم الفکر والمنطق لأنه يبقى تعبير عن باطن نفسي مشبوب بالشوق إلى المحبوب ويمثل حالة من القلق الکوني والاضطراب الوجداني لوقوعه في حيز ضيق هو حيز التعبيرات اللغوية القاصرة، وأخيراً أنهت الباحثة هذه الدراسة بخاتمة تلخص أهم النتائج التي توصلت إليها.
أسفر هذا البحث عن نتائج غاية في الأهمية ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أولاً: يبقى النص الصوفي محاولة للظفر بمفاهيم غيبية ومحاولة لتفسير الظاهرة النصية المتعلقة بقضايا التنزيل والوحي والکشف الصوفي، لهذا تختلف مدلولات الرمز الصوفي والنص المقدس باختلاف تجارب البشر وخلفياتهم العقائدية والأيدولوجية.
ثانياً: لاحظت الباحثة عمق وخصوصية التجربة الصوفية باعتبارها تجربة وجدانية يحظى فيها الوجدان الصوفي بانبثاق الصورة الإلهية الکامنة في القلب لتصبح صورة مهيمنة تتجلى له شهودياً فتنکشف فيها الحقائق والأسرار التي لا تتاح إلا للخاصة من أهل الله من الأسماء والحقائق الربانية التي يجب سترها على العامة الذين لا يفهمون مقاصدهم ولا يتحملون أسرارهم على حد قول عطاء الله السکندري.
ثالثاً: يذهب بعض الباحثين إلى أن من أسباب لجوئهم إلى الرمز يتمثل في عجز اللغة العادية عن الوفاء بالتعبير عن مواجيد الصوفية فيؤکد ابن عربي مثلاً أن قوالب ألفاظ الکلمات لا تحل عبارة معاني الحالات الجذبية، وخبايا عالم الغيب.
رابعاً: يحمل الخطاب دلالات معتقة برياح الحب الإلهي والخيال الصوفي الذي يبني الوصال مع المحبوب ويصل بين الأرض والسماء في لغة تشربت بنور المعرفة ومشاهدات الکشف والعيان الصوفي مما يجعل من اللغة أداة عاجزة أمام ضخامة التجربة وتعالي الصور العرفانية.
خامساً: تبقى اللحظات الخاطفة التي تصدر فيها الشطحيات المسرفة في الغموض لحظات نشوة وجذب روحاني ووجود عفوي عميق وضارب في أعماق تجربة الصوفي ووجدانه التي تنکشف عن ثورة الروح وتمردها على سجن الجسد تلک اللحظة المليئة بالأسرار، والتي يحظى بها الصوفي العظيم في کل الديانات وإن اختلفت الأسرار والبنى العقائدية، وذلک أن لحظة الکشف الصوفي تمزج بين أبنية روحية وخطابات فلسفية يوحدها خطاب مغرق في الروحانية متوج بالتجليات الإلهية وإن تباينت أصوله العقدية.
سادساً: إن الخطاب الصوفي لا ينبثق إلا عن حالة وجدانية ولذلک يستوجب تفکيک رمزيته وانغلاقه الذي يظل رهين الثقافة الدينية المحبوسة في قوالب الوجد والخيال والمحاطة بالقداسة مما يجعل الاقتراب من النص الصوفي أحياناً إجتزاءً على ثوابت يصعب  إن لم يکن من المستحيل تجاوزها، فيرکن الصوفي إلى السکون وعدم الخوض في تجربته اعتصاماً بالنجاة من تقليل من لا يفهم معاني هذه الوجدانات العميقة من العامة الذين هم ليسوا من أهل التصوف.
سابعاً: وبما أن اللغة لا تعبر إلا عن تصوراتنا فهي تکون غير قادرة على أن تصف لنا الحقائق الغيبية إلا أنها قد تولد شعوراً معيناً لدى الصوفي أو المتدين، حيث تتواکب الألفاظ مع شحنات وجدانية تنقل شعوراً بالقرب أو الحب أو المعية مع الحقيقة المطلقة أو مع الله في الأديان السماوية، ومع ذلک تحمل الألفاظ دلالة شبيهة بالحقيقة الغيبية وتستطيع أن تعبر عن سموها وتعاليها.
ثامناً: وتطلعنا فلسفة الدين عند وولتر سيتس و ردولف أتو على أن عيان الله لدى الصوفي العظيم هو الوضوح بحيث أنه ليستطيع أن يکتشف في صميمه عملية تجاوز کل تمييز بين ذات وموضوع وهو التجاوز الذي طالما اختلط مجالات ومشاعر ذهنية أخرى لا تمت له بصلة، أعنى ببعض الإدراکات الحسية والأفکار المتعلقة بالعقل الواعي لدرجة أننا قد نعجز عن فهم طابعه الحقيقي.
تاسعاً: تبقى الرمزية الدينية غير قابلة للتحول إلى قضايا حرفية، فلا يمکن مثلاً التعبير بقضية حرفية عن طبيعة الله لأنها تأتي متضمنة صياغة تصورية، ومع ذلک فليست الرمزية الدينية مجرد مجاز محض، بل هي تمثل الإدراک المباشر لله في صميم الحدس الديني، وليس الله کما هو في غيبه وإطلاقه وتساميه.
کان اللحن من الأخطار الجسيمة التي هددت سلامة العربية ودعت المخلصين من علمائها إلى اتخاذ الخطوات الضابطة لها ، ففرزت لنا تلک الجهود المخلصة قواعد وضوابط عصمت اللسان والقلم من الانزلاق والانحراف .
واللحن ظاهرة طرأت على المجتمع العربي وتشتت فيه بعد دخول الأعاجم من غير العرب في الإسلام ، ولم تزل العرب في جاهليتها وصدر   

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية


أولاً: المصادر:
1- ابن تيمية الحراني، الفتاوى، طبعة عبد الرحمن النجدي، السعودية، بدون تاريخ نشر.
2- ابن عربي، فصوص الحکم والتعليقات، عليه، القاهرة، 1934م.
3- ابن عربي، التجليات الإلهية، نسخة خطية بدار الکتب المصرية رقم 673 تصوف.
4- ابن عربي، الفتوحات المکية، تحقيق د. عثمان يحيى، ود. عثمان أمين، الهيئة العامة للکتاب، القاهرة، 1960م.
5- أبو نصر السراج الطوسي، اللمع، تحقيق عبد الحليم محمود، دار الکتب الحديثة، القاهرة، 1960م.
6- أبو العباس أحمد بن احمد محمد (زروق)، قواعد التصوف، تحقيق عبد المجيد خيالي، دار الکتب العلمية، بيروت، الطبعة الثانية، 2005م.
7- القاشاني، اصطلاحات الصوفية، الهيئة العامة للکتاب، القاهرة.
8- صدر الدين القونوي، تحقيق: إبراهيم ياسين، طبعة منشأة المعارف، الإسکندرية، 2003م.
9- صدر الدين القونوي، إعجاز البيان في تفسير أم القرآن، طبعة حيدر آباد، 1331 هـ.
10- محمد بن عبد الجبار النفري، المواقف والمخاطبات، نشره يوحنا آربري بدون تاريخ نشر.
ثانياً: المراجع:
11- إبراهيم ياسين (الدکتور)، دلالات المصطلح في التصوف الفلسفي، دار المعارف، القاهرة، 1993م.
12- إبراهيم ياسين (الدکتور)، حال الفناء في التصوف الإسلامي، طبعة دار المعارف، 1993م.
13- إبراهيم ياسين (الدکتور)، مدخل إلى التصوف البدايات، طبعة مکتبة الإسراء، طنطا، 2003م.
14- إبراهيم ياسين (الدکتور)، المدخل للتصوف الفلسفي دراسة سيکوميتافيزيقية، سور الأزبکية، 2002م.
15- أبو الوفا التفتازاني (الدکتور)، مدخل إلى التصوف الإسلامي، دار الثقافة، القاهرة، 1973.
16- آلان إدموند، التصوف والتفکيک، درس مقارن بين ابن عربي ودريدا، ترجمة: حسام نايل، المرکز القومي للترجمة، القاهرة.
17- إسعاد الحکيم (الدکتورة)، المعجم الصوفي، طبعة بيروت.
18- وولتر ستيس، الزمان والأزل، ترجمة الدکتور زکريا إبراهيم، بيروت، 1967م.
19- نيفين إبراهيم (الدکتورة)، ملکات الإدراک الفائق ورؤى الوجود، طبعة 2016م.
20- وولتر ستيس، التصوف والفلسفة، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، مکتبة مدبولي، القاهرة، 1999م.
ثالثاً: المراجع الأجنبية:
21- E. Underhill; A study in the nature and development of man's spiritual and consciousness; London,1949.
22- Jhon White; what is Enlightment, United Kingdom; 1945.
23- Nicholson, The mystics of Islam, London, 1917.
24- Walter Stace; Mysticism and philosophy, London;1959.
25- Walter Stace; time and eternity, London;1960.
26- Web; the idea of personality in Sufism, Cambridge, 1923.
27- William James, The Varieties of Religious Experience, London and New York, U.S.A; 1975