النقد الأدبي منهجًا ومهمات (نثرًا وشعرًا)

نوع المستند : العلوم الانسانیة الأدبیة واللغات

المؤلف

کلية العلوم الإنسانية - الجامعة اللبنانية الأميرکية LAU

المستخلص

لإنتاج الفکر الأجنبي جاذبية قوية على عقول طائفة کبيرة من المتعلمين... فهم لا يطالعون إلا ما يرد من أوروبا وأمريکا، ولا يتصلون ببلادهم إلا عن طريق الصحيفة اليومية فقط، تقرأ لمجرد الاطلاع على الحوادث والأخبار.
ومن خصائصهم عدم الثقة بالعقل العربي، والاستخفاف بالإنتاج العربي، والنظر إلى الحرکة الفکرية في العلم العربي نظرة يشوبها الترفع الممزوج بالازدراء..
ولقد التقيت أخيراً بأحد أفراد هذه الطائفة، ولما عاتبته على مسلکه هذا قال لي وهو صاخب:
کيف تطلب إلي أن أقدر إنتاجنا الفکري وأفرّق بين غثه وسمينة وأطالع الجيد الصالح منه، والمجلات الثقافية الرفيعة لا وجود لها عندنا، والقيم الأدبية فوضى، والمجاملات تحجب الحقائق، وکبار الأدباء يتقارضون الثناء، ومعظم الصحف لا تفسح صدرها لنقد الکتب بل تعتبر النقد الأدبي لغواً باطلاً وتقرظ جميع الکتاب وجميع الکتب على السواء... لا عناية بالنقد، ولا وزن لقيم الفکر، ولا رغبة صادقة نزيهة في هداية القراء. فکيف يمکن والحالة هذه أن نحقق عنصر المفاضلة بين عمل أدبي وآخر، وکيف نبرز الأعمال الممتازة، وندلل على ما فيها من جوانب الابتکار والتجديد، ونقنع الناس بقيمتها، ونغريهم بمطالعتها والإقبال عليها؟!.. الواقع أن سوق الکتب في العالم العربي هي سوق بکل ما في هذه الکلمة من معنى، أي سوق للتجارة والربح فقط، وليست حلبة تتبارى فيها العقول ويشرف عليها نقدة محکمون مختارون مشهود لهم بالثقافة الواسعة والنزاهة العميقة والذوق السليم. ولقد ترتب على هذا النقص الخطير في نهضتنا أن اضطربت القيم واختلطت وتشوشت، وأصبح الکتاب الجيد يضيع في غمرة الکتاب الرديء، بحيث لو تقدم أي أديب بکتاب فذ عبقري فمما لا يقبل الريب أن الکتاب لن يظفر من الصحف بأي اهتمام نقدي نزيه أو إدراک فني عميق، ولن يجد من القراء من يتنبه له أو يعيره أي التفات.
فوجود الفکر مرهون بوجود النقد، وقيمة الفکر لا تبرز إلا في ضوء النقد، وتطور الفکر محال بدون حافز من النقد. فالنقد الحر الأمين هو الذي يوحي إلى القارئ المتعلم الثقة في قيمة إنتاج مفکري وطنه. ومتى انعدمت هذه الثقة تحول القارئ إلى الفکر الأجنبي حيث حرکة النقد الصارم النزيه تعزز في نفسه روح الثقة، وعنصر الطمأنينة وعاطفة الإعجاب والتقدير

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية