تعدّ المقدمة الطللية إحدى أهم المنطلقات الأساسية للقصيدة الجاهلية ، بما تمثله على المستوى الفکري والجمالي من رؤية للمکان والزمان والمبدأ الأنثوي ، وکذلک بما تمثله لطبيعة الحياة العربية الجاهلية التي تقوم – بشکل عام – على الترحّل والنزوح من مکان إلى آخر ، وما ينتج عنه من آثار نفسية واجتماعية ؛ حيث مفارقة المکان / المنزل ، والرحيل الجماعي ، وانحلال بعض أواصر العلاقات الاجتماعية والنفسية ، وذلک نتيجة للشرط التاريخي ومعضلة التحدي البيئي . و يدرس هذا البحث نماذج من المقدمة الطللية في الشعر الجاهلي ،خلال مقاربة هيرمينوطيقية في اتجاهين : وجودي ، وبنيوي . ويعرض أهم الأسس التي قام عليها علم النص ونظرية الأثر المفتوح لأمبرطو إيکو؛ باعتبارها تشکل الأسس الفلسفية التي قامت عليها الهيرمينوطيقا . ويتجلّى النص في مجموعة من التمثيلات الرمزية التي تعيّنه في الوجود مما يجعله أثراً مفتوحاً قابلاً للتأويلات المتعددة . وتبدو النزعة الوجودية في المقدمة الطللية خلال بعث الفاعلية في المکان عبر مقاومة اليأس أمام مشهد الانهيار والتردي ، وتظهر الأطلال خلال النزعة البنيوية باعتبارها تجسيداً رمزياً لفعالية الزمن : زمنية الوجود ، وزمنية التغيّر، والتي تکشف هشاشة الکائن ، ومأساوية الشرط الإنساني .