محنة الأنثى في مجتمع ذکوري طفولة مدللة وشباب تحت التهديد

نوع المستند : العلوم الانسانیة الأدبیة واللغات

المؤلفون

کلية الآداب ، جامعة بغداد، العراق

المستخلص

اذا اردت ان تعرف ثقافة مجتمع، انظر إلى کأس الفخار الذي منحه الاله للشعوب لکي يشرب کل منها من کأسه ، واذا اردت ان تفهم طبيعة المجتمع، أي مجتمع انظر إلى طريقة تعامل الابوين مع الذکور والاناث وطريقة تدريب کل منهما  على الأدوار المستقبلية.
دارسي الانثروبولوجيا الاجتماعية يعرفون أن مهمة الباحث لا تتعدى احداثيات وضعها فلاسفة ومفکرون وليس ضباط في جيش متوجه للحرب، ولکن الاحداثيات الفکرية تشبه بعض الشيء احداثيات العسکر في ميدان المعرکة اذ يتعين تحديد الأهداف والمواقع والوسائل التي تصل بها الى تحقيق هذه الأهداف، وهي الطريقة ذاتها التي يستخدمها الانثروبولوجيون والسوسيولوجيون في دراسة الظواهر المرتبطة بأنظمة المجتمع ووظائفه ومکوناته، ومن أهم هذه النظم، النظام العائلي الذي يبقى مع اعلى درجات تفککه وتراجعه وتحلله، الأساس الذي يزود الثقافة والمجتمع باحجار جديدة تنتظم تدريجيا في البناء الاصلي. الأحجار الجديدة التي تبدو هشة عندما تدخل لأول مرة في البناء تتصلب فيما بعد وتتحجر کلما مر عليها موسم من مواسم الجفاف والمطر التي تتعاقب في تتابع ابدي، وتنتقل اليها المورثات الثقافية بطريقة العدوى الحسية وغير الحسية أيضا، کما في العادات التي وصفها جون ديوي (1963: 46) بانها:  "حلقات في سلسلة الحضارة الإنسانية الخالدة.... التي ورثناها عن أسلافنا والتي نشعر بالتحسن يطرأ عليها کلما نظرنا بعين المستقبل الى ثمار اعمالنا في ذلک العالم الذي سيعيش فيه أولئک الذين سيخلفونا".
العادة کناقل امين للثقافة تشبه الى حد کبير عملية المشي التي لا تتم الا بوجود اقدام وأرض تدب عليها هذه الاقدام، هي عملية تفاعل لا نهائية بين الفرد والبيئة المحيطة التي تتولى مهمة تدريب محسوب بالانجات والسنتيمترات والمليمترات لتحويل الحجر النائم الى حجر متحرک له عيون وآذان واسنان وهي التي تقود الافراد الى التمييز بين الإناث والذکورعلى أساس بيولوجي محض، يلعب الجهاز التناسلي فيه دور البطل بلا منازع، فالطفل الذي يولد بفتحة مزودة بانبوب للبول يکتب له ان يأکل على المائدة مع الضيوف، اما الطفل الذي يولد بفتحة من غير أنبوب فمحکوم عليه ان يتوارى خلف الجدران والستائر وياکل من بقايا الطفل المزود بانبوب للبول، ويحبس خلف ملحفة داخل ملحفة داخل أسطوانة حتى الموت. زائدة لحمية من بضعة أنجات تمنح الطفل هوية سحرية وترفعه الى اسمى الدرجات فيما تنحط مکانة الطفل الذي يفتقد هذه الزائدة انحطاطا مبالغا فيه، الطفل بزائدة يصبح سيدا والطفل بغير زائدة يکون عبدا، وسلعة رخيصة وهدفا للشهوات. أصحاب الزوائد والذين من دون زوائد متساوون من الناحية البيولوجية. الثقافة وحدها من أعطى هذه الزائدة رخصة ادارة شؤون الحياة بالنيابة عن الطرف الاخر، الثقافة وحدها وضعت التاج فوق راس هذه الزائدة ووضعت القيود في اقدام الاخر. الثقافة وحدها من صنعت أسطورة التفوق الجنسي وادخلتها في مناهجنا المدرسية ومساجدنا وکنائسنا حتى يضمن الذکور البقاء على القمة فيما تبقى الإناث في القاع. سياسة قامت على انقاض عشتارالتي اُهبطت قسرا الى قبو العالم السفلي بدفع من الکهنة ومزيفي النقود والجنود المنکسرين

الموضوعات الرئيسية